مقابلة | بدارنة: تضامن دوليْ مع نضال فلسطينيي 48.. وضد العنصرية والتمييز الإسرائيلي

نحن من واجبنا الوقوف مع قضايا شعبنا، الذي يرزح تحت الاحتلال وتحت نظام فصل عنصري "أبارتهايد" في الدفاع عن قضاياه، هذا الشعب الذي يمارس عليه يوميا القوانين العنصرية الإسرائيلية بمصادرة الأرض وهدم البيوت

مقابلة | بدارنة: تضامن دوليْ مع نضال فلسطينيي 48.. وضد العنصرية والتمييز الإسرائيلي

وقفة احتجاجية مطالبة بحق الشهيد موسى حسونة في اللد (Gettyimages)

تتواصل حملات التضامن الدولية، وخصوصا في صفوف النقابات الأوروبية مع نضال فلسطينيي الـ48 ضد السياسة العنصرية الإسرائيلية، وهي حملة كانت قد انطلقت وتصاعدت وتيرتها منذ هبة الكرامة في أيار/مايو 2021 وما تلاها من سلسلة أحداث قمع وتنكيل مارستها السلطات الاسرائيلية بحق المتظاهرين العرب.

وكان لنقابة العمال العرب في مدينة الناصرة، الدور الأبرز في طرح وفضح سياسة التمييز العنصري الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب في مناطق الـ48، وخصوصا في أوساط النقابات العمالية في أوروبا، وقد تجلى ذلك من خلال توثيق هبة الكرامة بفصل العمال العرب من أماكن العمل أو القمع والتنكيل والاعتقال الذي مارسته السلطات الإسرائيلية بحق المتظاهرين العرب.

وحول هذه الحملات والنشاطات الدولية، أجرى "عرب 48" حوارا مع المحامي، وهبة بدارنة، عضو نقابة العمال العرب في مناطق الـ48.

"عرب 48": ما هي المعطيات المتوفرة لديكم حول عدد العمال العرب الذين جرى طردهم من العمل بدوافع سياسية وعنصرية؟

المحامي وهبة بدارنة

بدارنة: حسب المعطيات كانت هناك 128 حادثة طرد من العمل، غالبيتهم الساحقة عادوا إلى أماكن عملهم، ولكن ليس بسبب حسن نية من صاحب المصلحة ولا بسبب حبّه للعاملين لديه من المواطنين العرب، وإنما بسبب عدم التورط في المحاكم وفي الإعلام أيضا، وكان هناك ما بين 16–17 ملفا وصلت إلى محاكم العمل وانتهت بتسوية وعودة العمال إلى أماكن عملهم وإغلاق الملفات، بعضها تجرعها المشغلون على مضض!

"عرب 48": هل كانت هناك عمليات فصل جماعية أم أنها اقتصرت على عمليات طرد فردية؟

بدارنة: هذا السيناريو يتكرر منذ أحداث عام 2000 وفي حينه كان فصل العمال أوسع وكان من بينه فصل جماعي وفردي، وفي هبة الكرامة كان هناك طرد لـ22 عاملا عربيا في شبكات المطاعم والأكل السريع. وكان هناك فصل لثلاثة عمال عرب في محطة وقود قرب الفريديس، قام خلالها المشغل اليهودي بطرد ثلاثة عمال فقط لأنهم تكلموا فيما بينهم باللغة العربية. فالنماذج كثيرة، وأذكر في حينه أنني تحدثت مع ذلك المشغل وجرى إعادة العمال الثلاثة إلى مكان عملهم. لكن الأمر الجلل في هذا الموضوع هو أنه سقط القناع وكشف عن الوجه الحقيقي للعنصرية المتجذّرة في المجتمع الإسرائيلي، وهو ما تجلى مؤخرا من خلال قضية المربيات العربيات الثلاث، اللواتي عملن في حضانة أطفال في حولون، وكانت هناك حملة من قبل أهالي الأطفال لإبعادهن عن الحضانة وجرى إسماعهن كلمات مسيئة مثل "اذهبن إلى غزة" و"مكانكن ليس هنا"، وبالفعل جرى فصلهن بطريقة عنصرية قبيحة.

"عرب 48": هل هناك معيقات في عملية قبول العرب للعمل؟

بدارنة: بالطبع، ومن السهل على المشغل أو صاحب المصلحة أن يستثني العرب إذا كان يطلب عمالا جدد في مصلحته، ويكفي أن يضع شرط الخدمة في الجيش للمتقدمين للوظيفة، كما يلاحظ اليوم في الموقع الإلكتروني الأكبر للتشغيل "شغل عبري" فتجد فيه معظم الطلبات مشروطة بالخدمة العسكرية. ولذلك أنا أقول إنه في نهاية الأمر هناك حاجة لتنظيم العمال العرب من خلال نقابة مستقلة تنظم وتدافع عن حقوق العمال، وفي المحصلة فإنه لا بديل عن العمال العرب فلو أراد المشغل عاملا في مجال البناء أو في محطة وقود، فإنه لا بديل عن العمال العرب.

"عرب 48": ما هو دوركم كنقابة عمال فلسطينية في البلاد وكنشطاء في الدفاع عن حقوق العمال في هذه الحملات الدولية التي تبدي تعاطفا وتضامنا مع قضايا العمال العرب في الداخل؟

بدارنة: نحن كنقابة فلسطينية نقوم بالدور التاريخي الذي تقوم به النقابات العمالية أينما وجدت، دور النقابة لا يقتصر على تنظيم العمال والدفاع عن حقوقهم، إنما أيضا في الوقوف إلى جانب قضايا الفقراء والمظلومين، الذين يتعرضون للاضطهاد والاستغلال، نحن من واجبنا الوقوف مع قضايا شعبنا، الذي يرزح تحت الاحتلال وتحت نظام فصل عنصري "أبارتهايد" في الدفاع عن قضاياه، هذا الشعب الذي يمارس عليه يوميا القوانين العنصرية الإسرائيلية بمصادرة الأرض وهدم البيوت، الملاحقات والاعتقالات، تشتيت عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية بسبب قانون منع لم الشمل. هذا هو الدور الحقيقي والتقدمي الذي يجب أن تقوم به النقابة، من أجل مصلحة الناس وهمومهم اليومية والوطنية.

"عرب 48": ما هو دور نقابتكم في طرح قضايا فلسطينيي الـ48 مع النقابات والحركات الدولية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني؟

بدارنة: الحقيقة إن نقابة العمال العرب ومنذ تأسيسها عام 2000 بنَت ووطدت علاقاتها مع عدد كبير من النقابات الدولية مثل، بريطانيا، وفرنسا، وبلجيكا، والسويد، والنرويج والبرازيل، وكان هناك تبادل للزيارات بيننا، منذ البداية كنا نهدف من هذه العلاقات إلى بناء حركة نقابية فلسطينية مستقلة في الداخل، وأيضا تعريف النقابات الدولية على قضايا وهموم فلسطينيي الـ48 الذين يرزحون تحت كرباج العنصرية الإسرائيلية، للأسف الكثير من الأوروبيين لم يكونوا على معرفة أن هناك شعب فلسطيني يناضل من أجل حقوقه اليومية والقومية داخل دولة إسرائيل، كانوا يعتقدون أن فلسطين هي غزة والضفة وأن السكان العرب في هذه البلاد منسلخين تماما عن الشعب الفلسطيني وأن أمورهم "تسير على ما يرام" في دولة إسرائيل، لكن على مدى السنوات العشر الأخيرة استطعنا قلب هذه المفاهيم الخاطئة بشكل جذري من خلال الزيارات المتبادلة وعشرات الندوات والمحاضرات في عدد من الدول الأوروبية، وأيضا من خلال تنظيم زيارات للوفود النقابية إلى مواقع العمل، إلى النقب، زيارات لعائلات الشهداء في الجليل والمثلث، الاطلاع على مسلسل مصادرة الأراضي في الجليل والمثلث والنقب، مثلا منطقة البطوف والناصرة وقرية عين ماهل كنموذج لمصادرة أراضي القرى العربية وخنقها وتحويلها إلى أحياء فقيرة على يد السلطات الإسرائيلية. بالنسبة لنا هذا كان إنجازا مهما لشعبنا الفلسطيني في الداخل.

"عرب 48": لنعد إلى ما بدأنا به الحوار وإلى هبة الكرامة، قلت إن الحملات ازدادت بعد هبة وإضراب الكرامة في أيار/ مايو الماضي، كيف حدث ذلك وهل هناك نماذج عينية؟

بدارنة: في هبة أيار/مايو 2021 قمنا بتوثيق يومي لكل ما حدث في تلك الفترة، سواء من مظاهرات، إضرابات، اعتقالات وصدامات مع الشرطة الإسرائيلية. وثّقنا كل شيء بالخبر والصورة. أردنا أن يعرف العالم أن إسرائيل هي دولة أبارتهايد، وأن ما يتعرض له فلسطينيو 48 من عنصرية لا يختلف عما يتعرض له إخواننا في الضفة الغربية، لقد شددنا في تقاريرنا على وحدة فلسطين التاريخية والجغرافية وأن المعاناة للفلسطينيين من الاستعمار الكولونيالي بالنهاية هي معاناة واحدة، أضف إلى ذلك إظهار السياسة العنصرية في قبول العمال العرب في مواقع عمل إسرائيلية وأيضا في طرد العمال العرب من أماكن العمل، العمال الذين شاركوا في إضراب أيار/مايو أو العمال الذين لم يستطيعوا الوصول إلى أماكن عملهم بسبب إغلاق الشوارع.

"عرب 48": كيف تجاوبت وتعاونت معكم النقابات الدولية بهذه الحملات؟

بدارنة: الحقيقة أن الزملاء والزميلات في النقابة كانوا يكتبون التقارير المصورة باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية، هذه التقارير لاقت رواجا وانتشارا واسعا، ولقيت تضامنا ودعما لقضيتنا من قبل النقابات في بريطانيا، مثلا نقابة (UNISON) ونقابة ((UNITE ونقابة PCS)) وأيضا حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني في لندن (PSC). أما في فرنسا فيقوم الزملاء في النقابات والحركات العمالية بنشر تقاريرنا بشكل دوري وكل أسبوع منذ هبة الكرامة، مثلا نقابة (FO) ونقابة (CGT) وهما من أكبر النقابات في فرنسا، وحتى نواب المعارضة من اليسار في مجلس النواب الفرنسي قاموا في الآونة الاخيرة بنشر تقاريرنا المتعلقة بالعدوان الأخير على غزة. أما في النرويج فقد قام ائتلاف التضامن من أجل فلسطين وهو إطار يضم بداخله نقابات عمالية نرويجية، قام قبل أسبوع بإصدار نشرة مفصلة عن عمل ونشاط نقابة العمال العرب في الناصرة وتغطية خاصة للحرب العدوانية الأخيرة على غزة.

التعليقات